
بعد سنوات من الإعتزال في تركيا ورفض الانضمام إلى “الجيش الوطني” الخاضع للقيادة التركية ، يعود جمال معروف، قائد “جبهة ثوار سوريا” السابق، إلى الواجهة بشكل يكتنفه الغموض والعلامات الاستفهامية.
هذه العودة ليست عادية، فهي تحمل في طياتها مؤشرات على تحولات كبرى قد تهز المشهد في شمال وشمال شرق سوريا.
من المنفى إلى الجزيرة: عودة محفوفة بالأسئلة
لم يعد معروف إلى مسقط رأسه في جبل الزاوية حيث كانت قاعدته الشعبية ، بل ظهر فجأة في مناطق “قسد” في الجزيرة السورية.
الأكثر إثارة للدهشة أن ثلاثة آلاف مقاتل انضووا تحت إمرته، وتم تسليحهم – وفقاً لمصادر ميدانية – من قاعدة التنف العسكرية الأمر_يكية.
هذا التسليح والتحشيد يحدث دون أي بيان واضح يعلن أهدافه أو يوضح أجندته النهائية.
بين العداءات القديمة.. والأجندة الجديدة
لا تأتي هذه الخطوة من فراغ فمعروف يحمل تاريخاً دموياً من العداء مع الجولاني .
هذه الخلفية تجعل من تحالفه المحتمل مع قوى أخرى في المشهد أمراً بالغ التعقيد، وتطرح سؤالاً محورياً: من يستفيد من إعادة إحياء هذا الدور والشخصية الآن، وبكل هذه القوة؟
الصورة الأكبر: هل نحن أمام ساعة الصفر؟
يبدو المشهد السوري مهيئاً لمعارك مصيرية كبرى. العودة الغامضة لمعروف قد تكون قطعة في لوحة إستراتيجية أوسع، تهدف إلى:
1. خلق توازن جديد: إقامة قوة عسكرية ضاربة في عمق مناطق “قسد” وبدعم منها قد تكون رادعاً أو أداة ضغط في مفاوضات المستقبل.
2. سباق الإسقاط: هناك مؤشرات على سباق خفي بين فصائل المعارضة التي توصف بـ “المعتدلة” وبين تنظيم “دا_عش” على منْ سيسقط أولاً سلطة “هيئة تحر_ير الشام” (الجو_لاني)، التي يراها كثيرون نسخة متطر_فة وخا_ئنة وحوّلت مايسمى الثورة إلى حركة طا_ئفية مقيتة، وقامت بتصفية قادة مايسمى الثورة السابقين.
3. تحالف المصالح الدولية والمحلية: الواضح أن هناك تقاطع مصالح دولية وإقليمية، قد تدفع نحو جمع تحالف غير مسبوق يضم قادة من المعارضة “المعتدلة” مع ضباط وقادة من النظام والكرد، في كتلة واحدة هدفها الإطاحة بحكم الجو_لاني المتطر_ف، الذي أمعن في قتل بالأقليات السورية ، كما في هجمات السويداء مؤخراً ، وكذلك استهدافه للسنة المعتدلين.
الخلاصة: لعبة الشطرنج الكبرى
عودة جمال معروف بهذه الصورة الدراماتيكية ليست حدثاً عابراً بل إنها إشارة واضحة على أن الملف السوري يدخل مرحلة جديدة وحاسمة ، حيث تعيد القوى الفاعلة ترتيب أوراقها استعداداً لمعارك الحسم.
إنه مؤشر على أن “ساعة الصفر” لقرار جيو- سياسي كبير في سوريا قد أزفت، وأن المشهد يتجه نحو مواجهات شاملة ستحدد شكل ومستقبل المنطقة لعقود قادمة.



